في الحديث عن مستقبل البلديات في لبنان، نشدد على أن الطريق إلى تنمية محلية حقيقية يمر عبر تعزيز اللامركزية الإدارية. فالتجربة اللبنانية أظهرت أن البلديات، رغم طاقاتها، تعاني من هيمنة المركز عليها، مما يحد من قدرتها على التصرف بحرية لتلبية حاجات السكان.
اللامركزية، كما أوضح الدكتور دباغ، تقوم على تمكين البلديات من اتخاذ قراراتها المالية والإدارية بمعزل عن الروتين البيروقراطي المعقد الذي يربطها بالوزارات المركزية. فبدل أن تضطر بلدية ما لاستجداء دعم من العاصمة لإنجاز مشروع إنارة أو تعبيد طريق، أن تتمتع بميزانية مستقلة وخطة عمل محلية واضحة تستجيب لأولويات المنطقة.
كما أن تحفيز المشاركة الشعبية في إدارة البلديات هو جوهر اللامركزية. فحين يشعر المواطن أن صوته مسموع، وأن له دورًا في اتخاذ القرار، يصبح أكثر حرصًا على متابعة أداء المجلس البلدي ومحاسبته، مما يعزز مناخ الشفافية والنزاهة.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن توزيع الموارد بشكل عادل بين المناطق عبر تمكين البلديات يساهم في تقليص الفجوات التنموية بين المناطق اللبنانية، ويخفف من النزوح الداخلي والهجرة، ويعزز الاستقرار الاجتماعي.
ختامًا، تحقيق اللامركزية يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتعديل القوانين الحالية بما يضمن استقلالية البلديات، ويمنحها الأدوات المطلوبة للقيام بمهامها على أكمل وجه، مما يفتح آفاقًا واسعة لتنمية محلية مستدامة ومتوازنة.